القرآن الكريم » تفسير ابن كثر » سورة المائدة
قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ ۚ مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ ۚ أُولَٰئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ (60) (المائدة) 

قَالَ " قُلْ هَلْ أُنَبِّئكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَة عِنْد اللَّه " أَيْ هَلْ أُخْبِركُمْ بِشَرِّ جَزَاء عِنْد اللَّه يَوْم الْقِيَامَة مِمَّا تَظُنُّونَهُ بِنَا ؟ وَهُمْ أَنْتُمْ الَّذِينَ هُمْ مُتَّصِفُونَ بِهَذِهِ الصِّفَات الْمُفَسَّرَة بِقَوْلِهِ " مَنْ لَعَنَهُ اللَّه " أَيْ أَبْعَدَهُ مِنْ رَحْمَته" وَغَضِبَ عَلَيْهِ " أَيْ غَضَبًا لَا يَرْضَى بَعْده أَبَدًا " وَجَعَلَ مِنْهُمْ الْقِرَدَة وَالْخَنَازِير " كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانه فِي سُوَره الْبَقَرَة وَكَمَا سَيَأْتِي إِيضَاحه فِي سُورَة الْأَعْرَاف وَقَدْ قَالَ سُفْيَان الثَّوْرِيّ عَنْ عَلْقَمَة بْن يَزِيد عَنْ الْمُغِيرَة بْن عَبْد اللَّه عَنْ الْمَعْرُور بْن سُوَيْد عَنْ اِبْن مَسْعُود قَالَ : سُئِلَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْقِرَدَة وَالْخَنَازِير أَهِيَ مِمَّا مَسَخَ اللَّهُ فَقَالَ إِنَّ اللَّه لَمْ يُهْلِك قَوْمًا أَوْ قَالَ لَمْ يَمْسَخ قَوْمًا فَيَجْعَل لَهُمْ نَسْلًا وَلَا عَقِبًا وَإِنَّ الْقِرَدَة وَالْخَنَازِير كَانَتْ قَبْل ذَلِكَ وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِم مِنْ حَدِيث سُفْيَان الثَّوْرِيّ وَمِسْعَر كِلَاهُمَا عَنْ مُغِيرَة بْن عَبْد اللَّه الْيَشْكُرِيّ بِهِ وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيّ حَدَّثَنَا دَاوُد بْن أَبِي الْفُرَات عَنْ مُحَمَّد بْن زَيْد عَنْ أَبِي الْأَعْيَن الْعَبْدِيّ عَنْ أَبِي الْأَحْوَص عَنْ اِبْن مَسْعُود قَالَ سَأَلْنَا رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْقِرَدَة وَالْخَنَازِير أَهِيَ مِنْ نَسْل الْيَهُود فَقَالَ : " لَا إِنَّ اللَّه لَمْ يَلْعَن قَوْمًا قَطُّ فَيَمْسَخهُمْ فَكَانَ لَهُمْ نَسْل وَلَكِنْ هَذَا خَلْق كَانَ فَلَمَّا غَضِبَ اللَّه عَلَى الْيَهُود فَمَسَخَهُمْ جَعَلَهُمْ مِثْلهمْ " وَرَوَاهُ أَحْمَد مِنْ حَدِيث دَاوُدَ بْن أَبِي الْفُرَات بِهِ وَقَالَ اِبْن مَرْدُوَيْهِ حَدَّثَنَا عَبْد الْبَاقِي حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إِسْحَاق بْن صَالِح حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مَحْبُوب حَدَّثَنَا عَبْد الْعَزِيز بْن الْمُخْتَار عَنْ دَاوُدَ بْن أَبِي هِنْد عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " الْحَيَّات مَسْخ الْجِنّ كَمَا مُسِخَتْ الْقِرَدَة وَالْخَنَازِير " هَذَا حَدِيث غَرِيب جِدًّا وَقَوْله تَعَالَى" وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ " قُرِئَ " وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ " عَلَى أَنَّهُ فِعْل مَاضٍ وَالطَّاغُوت مَنْصُوب بِهِ أَيْ وَجَعَلَ مِنْهُمْ مَنْ عَبَدَ الطَّاغُوت وَقُرِئَ " وَعَبَدَ الطَّاغُوتِ " بِالْإِضَافَةِ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى وَجَعَلَ مِنْهُمْ خَدَم الطَّاغُوتِ أَيْ خُدَّامه وَعَبِيده وَقُرِئَ " وَعَبَدَ الطَّاغُوتِ " عَلَى أَنَّهُ جَمْع الْجَمْع عَبْد وَعَبِيد وَعَبَد مِثْل ثِمَار وَثَمَر حَكَاهَا اِبْن جَرِير عَنْ الْأَعْمَش وَحُكِيَ عَنْ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيّ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا " وَعَابِد الطَّاغُوت " وَعَنْ أُبَيّ وَابْن مَسْعُود" عَبَدُوا " وَحَكَى اِبْن جَرِير عَنْ أَبِي جَعْفَر الْقَارِئ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا " وَعُبِدَ الطَّاغُوتُ " عَلَى أَنَّهُ مَفْعُول مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ ثُمَّ اِسْتَبْعَدَ مَعْنَاهَا وَالظَّاهِر أَنَّهُ لَا بُعْد فِي ذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَاب التَّعْرِيض بِهِمْ أَيْ وَقَدْ عُبِدَتْ الطَّاغُوت فِيكُمْ وَأَنْتُمْ الَّذِينَ فَعَلْتُمُوهُ وَكُلّ هَذِهِ الْقِرَاءَات يَرْجِع مَعْنَاهَا إِلَى أَنَّكُمْ يَا أَهْل الْكِتَاب الطَّاعِنِينَ فِي دِيننَا الَّذِي هُوَ تَوْحِيد اللَّه وَإِفْرَاده بِالْعِبَادَاتِ دُون مَا سِوَاهُ كَيْف يَصْدُر مِنْكُمْ هَذَا وَأَنْتُمْ قَدْ وُجِدَ مِنْكُمْ جَمِيع مَا ذُكِرَ وَلِهَذَا قَالَ " أُولَئِكَ شَرّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاء السَّبِيل " وَهَذَا مِنْ بَاب اِسْتِعْمَال أَفْعَل التَّفْضِيل فِيمَا لَيْسَ لِلطَّرَفِ الْآخَر مُشَارَكَةٌ كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ " أَصْحَاب الْجَنَّة يَوْمئِذٍ خَيْر مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا " .
كتب عشوائيه
- سبل السلام شرح بلوغ المرامسبل السلام: في هذه الصفحة نسخة الكترونية مفهرسة، تتميز بسهولة التصفح والبحث من كتاب سبل السلام الموصلة إلى بلوغ المرام، والذي شرح فيه المؤلف متن " بلوغ المرام " لابن حجر العسقلاني والذي اختصر فيه مؤلفه كتاب " البدر التمام " للقاضي الحسين المغربي (ت1119هـ )، مقتصراً فيه على حل ألفاظ " بلوغ المرام " وبيان معانيه - على فوت - بتوسط بين الإيجاز والإطناب مع زيادة بعض الفوائد على " البدر التمام " والإعراض عن ذكر الخلافات والأقاويل إلا ما تدعو إليه الحاجة. ومنهج العلامة الصنعاني في كتابه: يذكر ترجمة مختصرة للراوي الأعلى للحديث، ثم يبين مفردات الحديث مبينا مبهمها، ضابطا للألفاظ ضبطا لغويا، ثم يذكر الفوائد الفقهية في الحديث، ثم يبين طرفا من تراجم من أخرج الحديث مبينا درجة الحديث من الصحة أو الضعف.
المؤلف : محمد بن الأمير الصنعاني
الناشر : موقع أم الكتاب http://www.omelketab.net
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/140691
- التعبد بالأسماء والصفات [ لمحات علمية إيمانية ]التعبد بالأسماء والصفات : بيان أهمية التعبد بالأسماء والصفات، وأركان التعبد بالأسماء والصفات، ومراتب التعبد بالأسماء والصفات، وطرق الوصول إلى التعبد بالأسماء والصفات، ثم بيان آثار التعبد بالأسماء والصفات، ثم ذر مثال تطبيقي للتعبد بالأسماء والصفات، وهو التعبد باسم الله ( الرحمن ).
المؤلف : وليد بن فهد الودعان
الناشر : شبكة الألوكة http://www.alukah.net
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/166797
- تفسير القرآن العظيم [ جزء عم ]تفسير القرآن العظيم [ جزء عم ]: قال المصنف - حفظه الله -: «فإن من أجلِّ العلوم قدرًا، وأرفعها ذكرًا، العلم المتعلق بأشرف الكلام وأجله وأسماه كلام الله جل في علاه، وهو علم التفسير، إذ أن المشتغل به آخذ بروح التلاوة ولبها، ومقصودها الأعظم ومطلوبها الأهم، الذي تشرح به الصدور، وتستنير بضيائه القلوب، وهو التدبر ... ورغبةً في تحصيل هذه الفضائل وغيرها مما يطول المقام عن استقصائها ورغبة في إهداء الناس عامة شيئًا من الكنوز العظيمة واللآلئ والدرر التي يحويها كتاب الله؛ كان هذا التفسير المختصر الميسر لآخر جزء في كتاب الله تعالى - وهو جزء عم -، وذلك لكثرة قراءته وترداده بين الناس في الصلاة وغيرها، وقد جعلته على نسق واحد، وجمعت فيه بين أقوال المفسرين».
المؤلف : عبد الملك القاسم
الناشر : دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/345924
- طهور المسلم في ضوء الكتاب والسنةطهور المسلم في ضوء الكتاب والسنة: رسالة مختصرة في مفهوم، وفضائل، وآداب، وأحكام الطهارة التي هي شطر الإيمان، ومفتاح الصلاة، بيّن فيها المصنف - حفظه الله - كل ما يحتاجه المسلم في طهارته ونظافته ونزاهته.
المؤلف : سعيد بن علي بن وهف القحطاني
الناشر : المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/1926
- أذكار الطهارة والصلاةأذكار الطهارة والصلاة: جمع المؤلف - حفظه الله - شرحًا مختصرًا لجملة مباركة من أذكار الطهارة والصلاة; استلَّها من كتابه: «فقه الأدعية والأذكار».
المؤلف : عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد البدر
الناشر : موقع الشيخ عبد الرزاق البدر http://www.al-badr.net
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/316774