القرآن الكريم » تفسير ابن كثر » سورة البقرة
وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190) (البقرة) 

قَالَ أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس عَنْ أَبِي الْعَالِيَة فِي قَوْله تَعَالَى" وَقَاتِلُوا فِي سَبِيل اللَّه الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ " قَالَ هَذِهِ أَوَّل آيَة نَزَلَتْ فِي الْقِتَال بِالْمَدِينَةِ فَلَمَّا نَزَلَتْ كَانَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقَاتِل مَنْ قَاتَلَهُ وَيَكُفّ عَمَّنْ كَفَّ عَنْهُ حَتَّى نَزَلَتْ سُورَة بَرَاءَة وَكَذَا قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَمَ حَتَّى قَالَ هَذِهِ مَنْسُوخَة بِقَوْلِهِ : " فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ " وَفِي هَذَا نَظَرٌ لِأَنَّ قَوْله " الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ " إِنَّمَا هُوَ تَهْيِيج وَإِغْرَاء بِالْأَعْدَاءِ الَّذِينَ هِمَّتهمْ قِتَال الْإِسْلَام وَأَهْله أَيْ كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ أَنْتُمْ كَمَا قَالَ " وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّة كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّة " وَلِهَذَا قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة" وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ " أَيْ لِتَكُونَ هِمَّتكُمْ مُنْبَعِثَة عَلَى قِتَالهمْ كَمَا هِمَّتهمْ مُنْبَعِثَة عَلَى قِتَالكُمْ وَعَلَى إِخْرَاجهمْ مِنْ بِلَادهمْ الَّتِي أَخْرَجُوكُمْ مِنْهَا قِصَاصًا . وَقَوْله " وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ الْمُعْتَدِينَ " أَيْ قَاتِلُوا فِي سَبِيل اللَّه وَلَا تَعْتَدُوا فِي ذَلِكَ وَيَدْخُل فِي ذَلِكَ اِرْتِكَاب الْمَنَاهِي كَمَا قَالَهُ الْحَسَن الْبَصْرِيّ مِنْ الْمُثْلَة وَالْغُلُول وَقَتْل النِّسَاء وَالصِّبْيَان وَالشُّيُوخ الَّذِينَ لَا رَأْي لَهُمْ وَلَا قِتَال فِيهِمْ وَالرُّهْبَان وَأَصْحَاب الصَّوَامِع وَتَحْرِيق الْأَشْجَار وَقَتْل الْحَيَوَان لِغَيْرِ مَصْلَحَة كَمَا قَالَ ذَلِكَ اِبْن عَبَّاس وَعُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز وَمُقَاتِل بْن حَيَّان وَغَيْرهمْ وَلِهَذَا جَاءَ فِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ بُرَيْدَة أَنَّ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُول : " اُغْزُوا فِي سَبِيل اللَّه قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاَللَّهِ اُغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا وَلَا تَغْدِرُوا وَلَا تَمْثُلُوا وَلَا تَقْتُلُوا الْوَلِيد وَلَا أَصْحَاب الصَّوَامِع " رَوَاهُ الْإِمَام أَحْمَد وَعَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : كَانَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا بَعَثَ جُيُوشه قَالَ : " اُخْرُجُوا بِسْمِ اللَّه قَاتِلُوا فِي سَبِيل اللَّه مَنْ كَفَرَ بِاَللَّهِ لَا تَعْتَدُوا وَلَا تَغُلُّوا وَلَا تَمْثُلُوا وَلَا تَقْتُلُوا الْوِلْدَان وَلَا أَصْحَاب الصَّوَامِع " رَوَاهُ الْإِمَام أَحْمَد وَلِأَبِي دَاوُد عَنْ أَنَس مَرْفُوعًا نَحْوه وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ اِبْن عُمَر قَالَ : وَجَدْت اِمْرَأَة فِي بَعْض مَغَازِي النَّبِيّ - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَقْتُولَة فَأَنْكَرَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَتْل النِّسَاء وَالصِّبْيَان . وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا مُصْعَب بْن سَلَّام حَدَّثَنَا الْأَجْلَح عَنْ قَيْس بْن أَبِي مُسْلِم عَنْ رِبْعِيّ بْن حِرَاش قَالَ : سَمِعْت حُذَيْفَة يَقُول ضَرَبَ لَنَا رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْثَالًا وَاحِدًا وَثَلَاثَة وَخَمْسَة وَسَبْعَة وَتِسْعَة وَأَحَد عَشَر فَضَرَبَ لَنَا رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهَا مَثَلًا وَتَرَكَ سَائِرهَا قَالَ " إِنَّ قَوْمًا كَانُوا أَهْل ضَعْف وَمَسْكَنَة قَاتَلَهُمْ أَهْل تَجَبُّر وَعَدَاوَة فَأَظْهَر اللَّهُ أَهْلَ الضَّعْف عَلَيْهِمْ فَعَمَدُوا إِلَى عَدُوّهُمْ فَاسْتَعْمَلُوهُمْ وَسَلَّطُوهُمْ فَأَسْخَطُوا اللَّه عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة " هَذَا حَدِيث حَسَن الْإِسْنَاد وَمَعْنَاهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الضُّعَفَاء لَمَّا قَدَرُوا عَلَى الْأَقْوِيَاء فَاعْتَدُوا عَلَيْهِمْ فَاسْتَعْمَلُوهُمْ فِيمَا لَا يَلِيق بِهِمْ أَسْخَطُوا اللَّه عَلَيْهِمْ بِسَبَبِ هَذَا الِاعْتِدَاء وَالْأَحَادِيث وَالْآثَار فِي هَذَا كَثِيرَة جِدًّا . وَلَمَّا كَانَ الْجِهَاد فِيهِ إِزْهَاق النُّفُوس وَقَتْل الرِّجَال نَبَّهَ تَعَالَى عَلَى أَنَّ مَا هُمْ مُشْتَمِلُونَ عَلَيْهِ مِنْ الْكُفْر بِاَللَّهِ وَالشِّرْك بِهِ وَالصَّدّ عَنْ سَبِيله أَبْلَغ وَأَشَدّ وَأَعْظَم وَأَطَمّ مِنْ الْقَتْل وَلِهَذَا قَالَ : " وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنْ الْقَتْلِ " .
كتب عشوائيه
- مختصر زاد المعادمختصر زاد المعاد : فإن هدي سيدنا ونبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - هو التطبيق العملي لهذا الدين، فقد اجتمع في هديه كل الخصائص التي جعلت من دين الإسلام ديناً سهل الاعتناق والتطبيق، وذلك لشموله لجميع مناحي الحياة التعبدية والعملية والأخلاقية، المادية والروحية، ويعتبر كتاب - زاد المعاد في هدي خير العباد - من أفضل ما كتب في هديه - صلى الله عليه وسلم - تقريب لهديه في سائر جوانب حياته؛ لنقتدي به ونسير على هديه - صلى الله عليه وسلم -، وقد قام باختصاره الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله -؛ حتى يسهل على الجميع الاستفادة منه.
المؤلف : محمد بن عبد الوهاب
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/264166
- مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلمالسيرة النبوية لابن هشام : هذا الكتاب من أوائل كتب السيرة، وأكثرها انتشاراً، اختصره المصنف من سيرة ابن اسحاق بعد أن نقحها وحذف من أشعارها جملة مما لا تعلق له بالسيرة، ثم قام باختصاره الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - وقد ضمنه بعض الاستنباطات المفيدة مع ما أضاف إلى ذلك من المقدمة النافعة التي بَيّن بها واقع أهل الجاهلية اعتقادًا وسلوكًا.
المؤلف : محمد بن عبد الوهاب
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/264158
- صحيح القصص النبوي [ 1 - 50 ]صحيح القصص النبوي : فإن النفوس تحب القصص، وتتأثر بها؛ لذلك تجد في القرآن أنواعًا من القصص النافع، وهو من أحسن القصص. وكان من حكمة الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن اقتدى بكتاب ربه، فقص علينا من الأنباء السابقة ما فيه العِبَر، باللفظ الفصيح والبيـان العذب البليغ، ويمتاز بأنه واقعي وليس بخيالي؛ وفي هذه الرسالة قام المؤلف - أثابه الله - بجمع خمسين قصة صحيحة من القصص النبوي مع تخريجها تخريجاً مختصراً.
المؤلف : أبو إسحاق الحويني
الناشر : موقع الشيخ الحويني www.alheweny.org
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/330610
- أنواع الصبر ومجالاته في ضوء الكتاب والسنةأنواع الصبر ومجالاته في ضوء الكتاب والسنة: قال المصنف - حفظه الله -: «فهذه رسالة مختصرة في «أنواع الصبر ومجالاته»، اختصرتُه من كتابي: «مقومات الداعية الناجح» بيَّنت فيه: مفهوم الصبر، وأهميته، ومكانته في الدعوة إلى الله تعالى، ومجالاته، وأحكام الصبر، وأنواعه، وأوضحت صورًا من مواقف تطبيق الصبر والشجاعة، وبيّنت طرق تحصيل الصبر التي من عمل بها رُزق الصبر والاحتساب، والثواب ووفِّي أجره بغير حساب».
المؤلف : سعيد بن علي بن وهف القحطاني
الناشر : المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/193648
- حبي العظيم للمسيح قادني إلى الإسلامحبي العظيم للمسيح - عليه السلام - قادني إلى الإسلام: تبين هذه الرسالة كيف أثر المسيح - عليه السلام - في اعتناق الكاتب لدين الإسلام، وكيف أثر الإسلام في حياته، وكيف تأثرت حياة الأخرين نتيجة اسلامه، وفي النهاية عقد مقارنة بين نصوص من القرآن الكريم والكتاب المقدس. - مصدر الكتاب موقع: www.myloveforjesus.com
المؤلف : سايمون الفريدو كاراباللو
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/196286